كاليندا بقلم ولاء رفعت علي
ترمي لي كلام زي الدبش.
أجفلهم صوت شوقية من الخلف
_ خلصتم ولا عاملين ترغوا
أجابت شمس
_ أنا عملت البيض والفول والجبنة فاضل الطعمية هقليها قبل الأكل علي طول عشان ماتبردش.
وقالت ابنتها
_ وأنا بعمل السلطة أهو وهاحشي البتنجان بالتتبيلة.
أجابت عليهما وهي تلتقط مفرش حراري كان معلقا علي مشجب معدني في الحائط
نهضت باكرا بعد أن انتهت من طعامها
_ الحمدلله.
قالت لها رشا زوجة عمها حجازي
_ كملي أكلك يا شمس ده أنتي مكملتيش
ربع رغيف.
أجابت بخجل
_ أكلت وشبعت الحمدلله دي أكلتي.
فقالت شوقية بأسلوبها الفظ
_ ياختي البنات اليومين دول ماسكين في أبصر إيه اللي أسمه دايت لحد ما بقوا شبه خلة السنان ويقولوا لك دي الموضة.
_ هم بيحافظوا علي جسمهم بس أهم حاجة يكون تحت إشراف دكتور تغذية عشان ميأثرش علي الصحة.
عقبت رشا
_ فعلا صح مفيش أحسن من الواحد ياخد باله من صحته.
فقالت شوقية عن عمد
_ الكلام ده يا رشا ياختي لواحده زيك كده ولا وراها عيل ولا تيل لكن ياختي إحنا ورانا عيال عايزين صحة من حديد فلازم تاكلي وتتغذي.
_ عن إذنك يا شمس أنا طالعة فوق عشان حاسة بصداع أبقي تعالوا أنتي و رحاب نقعد مع بعض شوية.
اومأت لها وقالت
_ حاضر يا طنط.
غادرت رشا المنزل و زوجها يرمق شوقية بامتعاض ثم نظر إلي زوجها ليجده في عالم آخر لكن محاسن لم تصمت لتقول
_ عمرك ما هتبطلي كلامك الچارح ده يا شوقية ده أنتي عيالك علي وش جواز المفروض تعقلي كلامك قبل
نهضت هي أيضا وقبل أن تذهب قالت
_ أبقي تعالي يا شمس أقعدي معانا بيت عمك يحيي مفتوح لك في أي وقت.
أنفضت المائدة واحد تلو الآخر وهم يحيي بالمغادرة قائلا
_ عن أذنك يا حاج محمود أنا نازل أقعد علي القهوة شوية.
وتبعه حجازي بالقول أيضا
_ وأنا كمان نازل خدني معاك.
وهنا تخلي محمود عن صمته الرهيب وأمرهم بحدة
كانت شمس تشغل نفسها بجلي الصحون لتتجنب كلام زوجة عمها و بينما هي شاردة صوت هذه الحيزبون شوقية أفزعها
_ بت يا شمس.
أنتفضت الأخري فأردفت زوجة عمها
_ عمامك عايزينك في أوضة الجلوس.
كانت دقات قلبها البائس تقرع كالطبول تركت ما في يديها وقامت بغسلها من الصابون ثم تجفيفها بالمنشفة وذهبت تخطو بحذر وتاركة شوقية التي يتآكلها الفضول خاصة بعدما حذرها زوجها من الوقوف والتصنت وأن تلتزم غرفتها ريثما ينتهي من هذا الإجتماع.
_ أدخلي.
وقفت أمامهم وتنظر إلي أسفل فنظرات ثلاثتهم لا توحي بخير بتا لماذا يريدونها هل علموا ما حدث لها
قاطع حدسها صوت عمها الغليظ
_ بصي يا بنت أخويا من غير لف ولا دوران هسألك سؤال واحد وتجاوبي عليه.
أزدردت لعابها پخوف وتوتر فأجابت بخفوت
_ أتفضل يا عمي.
تنهد
وكأنه يحمل ثقلا كالجبل فوق عاتقه سألها
_ ابن حماد السفوري غلط معاكي زي ما الكل بيحكي في البلد
صاحت بدفاع عن نفسها عندما أدركت إتهامه لها بأن ما حدث كان بإرادتها وليس عنوة عنها
_ لاء ماحصلش.
صمتت لثوان وهي تنظر ليديها وهي تفركهما في بعضهما البعض وأردفت
_ وحصل.
_ هو إيه اللي حصل واللي ما حصلش يا بت! ما تجاوبي علي عمك عدل بدل ما أرزعك كف يعدلك.
أمسك حجازي به لتهدأته قائلا
_ أهدي يا يحيي وأسمعها للآخر.
ترقرقت دموعها علي وجنتيها وبصوت متحشرج أخبرتهم
_ هو خدني بالقوة وعمل اللي عمله وصورني فيديو وبعته لخطيبي عشان يكسرني ويكسروا زي ما كان بيهددني ديما.
لم تشفع لها عبراتها لدي قلوبهم القاسېة لطالما والدها عاني من صرامتهم وقسوتهم وعدم إنصافهم للمظلوم لذا أثر الإبتعاد عنهم وفضل المكوث في القرية تجنبا للمشكلات كما إنه لايريد خسارتهم فهما أن كان سيظلون أخوته إلي الأبد.
وبالعودة إلي التي تنتظر ردود أفعالهم حيث سوف يثأرون لشرفهم ويقتصون من الطاغية حمزة و أهله هكذا ظنت ولا تعلم إنها ستتلقي العكس وإذا بصڤعة هاوية هبطت علي وجنتها من كف عمها الغليظ جعلها لم تري شيئا سوي الظلام فسقطت مغشي عليها.
الفصل السابع
تتعالي الأصوات ما بين شد وجذب وتوبيخ يتساقط كزخات المطر علي رأس أحمد الجالس علي الكرسي منكس رأسه وكفيه أعلاها لا يريد أن يستمع لوصلة اللوم هذه.
_ يا ميلة بختك يا سحر في ابنك اللي هايموتك بدري بدري.
رد زوجها ناهيا إياها
_ كفاية بقي يا سحر نواح و ولوله ابنك مش عيل صغير ولا ها يرضي إنه يكسر كلمة أبوه ولا إيه يا أحمد
تدخلت إسراء التي تعلم أن كلماتها لن يلق لها بالا ولم يكترث إليها أحد بل ستنال نصيبها من التوبيخ
_ بابا ماما ممكن تبطلوا تضغطوا علي آبيه أكتر من كده أظن هو مسئول عن حياته وعارف يعمل إيه و ما تنسوش أنكم اللي غصبتوا علي مروة وأنتم متأكدين إنه لسه بيحب شمس.
زجرها والديها بنظرة تحذيرية و غاضبة في آن واحد فصاحت بها والدتها
_ أدخلي أوضتك بدل ما أمسيكي بعلقة محترمة الظاهر وحشك الخرطوم.
تأففت بضيق وسأم
_ أنا داخله بس مش عشان أنا خاېفة من تهديدك عشان قرفت من التمثيلية اللي عايشين فيها و ظلمكم لأخويا ولصاحبتي واللي بعتبرها أختي
الوحيدة وجنيتوا عليها زي حمزة وأهله حسبي الله ونعم الوكيل.
قالتها وأسرعت إلي الداخل صاحت والدتها پغضب
_ بتحسبني علينا يا بت طب و ربنا يا إسراء لأربيكي وشوفي مين اللي هيخليكي تقدمي للكلية.
قاطعها زوجها ممسكا بيدها حتي لا تذهب خلف ابنتها وتتهور في عقابها
_ سيبك من البت وخليكي في ابنك الكبير اللي بقول عليه العاقل سندي وضهري لكن يا خسارة لاقيته زي النسوان بيبكي علي واحدة
لو كان كمل معاها كان زمانه مسخرة ومضحكة أهل البلد رد عليا كنت هاتعمل أيه لما تمشوا وسط الناس ويطلع لك واحد ولا واحدة يلسنوا عليها ويعايروك!
قالت سحر و أشاحت بيدها
_ خلاص يا كامل أهي راحت لحالها إحنا في بنت أختك اللي الباشا بيستقوي عليها و رزعها قلم قدام الناس وكمان كان غلطان.
ألقي عليه والده أمره الحازم
_ هي كلمة ومش هاعيدها تقوم تلبس وتاخد أمك معاك تروحوا تجيبوا هدية وتعدي علي عمتك تراضي مراتك.
وقبل أن يتركهما أردف قائلا بحسم
_ وتبلغيهم يا سحر إن في خلال الأسبوع ده إن شاء المولي ها تكون شقتهم جاهزة من مجاميعه والفرح الخميس الجاي.
بداخل عيادة النسا حيث آمر الحاج محمود زوجته بأخذ ابنة أخيه إلي الطبيب كما أخذوا منها هاتفها عنوة و في ردهة الانتظار تجلس كل من شوقية علي كرسي ولم تبرح عيناها تلك المسكينة تجلس بين ابنة عمها رحاب وزوجة عمها رشا تربت عليها حتي تكف عن البكاء فقالت لها بهمس
_ كفاية يا شمس الناس بتبص علينا واللي مش فاهم هيفهم غلط.
رفعت شوقية زاوية فمها بتهكم وقالت
_ يالهوي علي كهن البنات يعملوا المصېبة و يقعدوا يعيطوا.
زجرتها رشا بنظرة ڼارية وقالت
_ عارفه يا أم محمد لو مسكتيش هاتصل بالحاج يطلع ياخدك أبوها ساب لكم البنت أمانة عندكم و عاملين تبهدلوا فيها زينب لو عرفت مش هاتسكت غير لما تيجي تخربها علي دماغنا كلنا.
تشدقت الأخرى بنبرة ساخرة
_ ولما إحنا وحشين كده جيتي معانا ليه يا ست رشا
_ جيت أقف مع الطفلة الغلبانة بدل ما أسيبها لك تبهدلي فيها وبكلامك اللي زي السم.
رمقتها الأخرى بتوعد وقالت
_ ماشي يا رشا أنا مش هرد عليكي كلامي هايبقي مع جوزك خليه يشوف مراته اللي ما بتحترمش مرات أخوه الكبير.
أشاحت رشا يدها بعدم إكتراث لتلك الحية التي تبخ سمها كل حين وآخر وأخذت تكمل مواساة شمس التي ما زالت تبكي بصمت وتخبأ وجهها بكفيها.
خرجت الممرضة من غرفة الطبيب وقامت بمناداتها
_ مدام شمس محمد نصار.
نظرت إليها رحاب بسخط وقالت
_ آنسة شمس لو سمحت.
أشارت الممرضة إلي ورقة التسجيل بيدها وقالت
_ المدام اللي مسجلها عندي كده في الدفتر.
كانت تشير إلي شوقية التي تهربت من نظرات ابنتها و رشا.
نهضت شمس بثقل و كأنها ذاهبة إلي غرفة الإعدام مسكت رشا يدها لتطمئنها وكذلك رحاب لكن شوقية أوقفت ابنتها ومنعتها من الدخول وهي تلكزها
_ داخله فين يا عين أمك خليكي إستنينا بره مش ناقصين جرس و فضايح.
وأمسكت بهاتفها لتبلغ زوجها بأنهم ولجن إلي داخل غرفة الطبيب فصعد ليحضر ما سيخبرهم به الطبيب بعد الفحص.
جلست شمس منهكة القوي و مسلوبة الإرادة أمام المكتب فنظر إليها الطبيب ثم إلي رشا و شوقية و إلي عمها ذو الملامح الصارمة بدأ في كتابة بياناتها يسألها
_ حضرتك مدام شمس
كادت تجيب فقاطعها عمها وأجاب
_ أيوه يا دكتور شمس تبقي مرات ابني وهم لسه عرسان جداد و زي ما حضرتك فاهم يعني...
صمت لم يستطع أن يكمل كذبته تفهم الطبيب ما يريد قوله وظن إنها عروس بالفعل فسأل موجها سؤاله إلي شمس
_ حصلت علاقة ما بينكم كام مرة
اتسعت عينيها شديدة الحمرة من كثرة البكاء من جراءة هذا السؤال فأجابت شوقية بتصنع وتمثيل متقن
_ما قولنا لك يا دكتور عرسان جداد يعني بالتأكيد حصل كذا مرة إحنا بس عايزين زي ما حضرتك فهمت من الحاج كدة.
كانت رشا تحدق إليها بكراهية شديدة وودت أن تلتقط الخڼجر الموضوع أعلي المكتب و تغرزه في لسان تلك الحرباء.
أشار الطبيب إلي الممرضة وقال
_ خدي مدام شمس علي السرير ولما تجهز قوليلي.
ربتت رشا عليها وقالت بهمس
_ قومي يا حبيبتي ما تخافيش هو بس هيتأكد إنك لسه بنت ولا لاء مش هيعملك حاجة تأذيكي.
همست إليها الأخرى بصوت محشرج
_ بالله عليكي يا أبله رشا كلمي بابا وقوليله يجي ياخدني حرام عليكم اللي بتعملوه فيا.
عانقتها رشا وأسدلت عينيها عبرة تشفق علي هذه المسكينة فقالت شوقية
_ ما تنجزي يا بت وبطلي دلع ولا عايزة عمك يكمل عليكي ويفرج الناس وتتفضحي أكتر ما أنتي مفضوحة.
لكزها زوجها مزمجرا
_ شوقية لمي لسانك بدل ما أخليكي تطلعي تقعدي مع
بنتك برة.
صعدت علي سرير الفحص واستعدت كما أمرتها الممرضة بوضعية التمدد ليتثنى للطبيب فحصها.
و قد مرت ثواني الفحص عليها كمرور الدهر علي أهل الكهف مع كم الشعور بالإهانة و الخجل والطبيب يتفحص عذريتها ودت لو جاء ملاك المۏت
و روحها ويريحها من هذا العڈاب القاټل للنفس و للجسد.
أنتهي من الفحص و خلع من يده القفازات المطاطية وقام بتعقيم يده بالكحول المطهر ثم ذهب إليهم قائلا
_ واضح إن زوج مدام شمس