بقلم أم فاطمة "مكة"
بها سرا حتى كادت
أن تلهكه ولكن ديما العيون تفضح صاحبها
فالويل لك يا عينى عندما أفصحتى عن ما يخفيه قلبى
تلون وجه مكة وأشتعل قلبها ولكنها أظهرت سريعا الڠضب ودفعته عنها ثم صاحت أنت إزاى تسمح لنفسك تمسكنى كده
ولا يعنى أفتكرت عشان مركزك ورتبتك تقدر تعمل كل اللى أنت عايزه
لا فوق يا سيادة النقيب كله إلا أنا
حضرتك كنت هتقعى وأنا لحقتك وصراحة ندمت بعد الكلمتين دول يارتنى كنت سبتك وقعتى واقعدت أتفرج عليك وأضحك
أحسن من طولة لسانك اللى عامل زى الفرقلة ده
كزت مكة على أسنانها بغيظ مردفة تضحك ليه فكرنى أرجوز
فضحك ركان قائلا تصورى صح شبهه بخدودك اللى عاملة زى الطماطمية دى
اعجب ركان بحيائها وقارن بينها وبين شاهيناز فالفرق بينهم بين السماء والأرض فالحياء خلق لا يقدر بثمن أساسه تربية صالحة ليس له علاقة بالمكانة الأجتماعية
الټفت ركان ليرى باقة الورد التى سقطت منه على سهو عندما حاول اللحاق بمكة قبل أن تسقط فالتقطها سريعا وابتسم واقترب من مكة ليهديها إليها قائلا بمداعبة أتفضلى كفارة يا ريس مكة
شعرت مكة بالحرج وندمت على تسرعها فى اتهامه وكلماتها القاسېة له عندما رأت باقة الورد البيضاء التى تفضلها دائما
فتمتمت بخجل شكرا يا سيادة النقيب ومعلش أنا بس لازم أعمل حدود بينى وبين اى حد أجنبى عنى
ركان بإندهاش بس أنا مش أجنبى أنا مصرى زيك زيك
فتسائل ركان هو أنا قولت نكتة ولا إيه
مكة لا بس عشان كلمة اجنبى مش المقصود بها نوع الچنسية اقصد انك راجل ولازم يكون بينا حدود فى المعاملة
فابتسم ركان وهز رأسه بمعنى فهمت
ركان بمشاكسة هنفضل نكلم فى الأجنبى والمصرى ونفضل هنا كتير
مش يلا بينا بقى نشوف الدنيا بره أحسن من قعدة المستشفى دى
مكة خاېفة يا ركان باشا من الدنيا اللى بره أنا مش حمل صدمات تانى
فتصارعت نبضات قلب ركان حين تذكر حفل خطوبته يوم
الجمعة وكيف ستتحمل تلك المسكينة تلك الصدمة
وكيف لى أن أتحمل تلك رؤية عينيها تمتلىء بالعبرات من أجلى
ومتفكريش غير فى نفسك ومصلحتك وبس واركنى عواطفك على جمب ده مش زمن المشاعر صدقينى أنا عارف الدنيا اكتر منك
تحيرت مكة فى أمره فكيف يكون بهذه الوداعة تارة
وتارة أخرى يكون بهذه الصرامة كأنه وحش مفترس
أحيانا تراه عاشقا لها وأحيانا تراه جلادا لها
فمن هو إذا
مكة
ولكنى للأسف لا أعلم سوى إنى أحبه فتبا لهذا القلب الذى أخشى أن يهوى بى للچحيم
ركان متسائلا فهمانى
مكة بثقة مش فاهمة حاجة غير إن ربنا أكيد زى منجانى قبل كده هينجينى تانى وده يكفينى
أما باقى الكلام فللأسف مش طبعى ولا هقدر أطبعه يا سيادة النقيب
تنهد ركان بمرارة وهز رأسه قائلا مفيش فايدة
طيب قدامى يا مكة لما أشوف أخرتها معاك
لتتقدمه مكة متمتمة بقولها دعاء الخروج
فأردف ركان بإندهاش انا مش عارف رغم ضعفها جايبة قوى الإيمان دى إزاى
وكل حاجة عندها ليها ذكر لله
وفى الخارج فتح لها ركان باب السيارة لتجلس بجانبه ولكنها وقفت متجمدة لا تتحرك
ركان متعجبا مال سيادتك
ياريت ننجز عشان ماما مستنياك يا أخت مكة
فابتسمت مكة وتراجعت بظهرها للوراء لتفتح الباب الخلفى للسيارة بين نظرات ركان المتعجبة لفعلها
ولكنها تخشبت على إثر قولها لها بحدة بتعملى إيه حضرتك
مكة بتلعثم هركب هنا عشان مينفعش يعنى
فقاطعها ركان بقوله مينفعش إيه
هو أنا هأكلك لما تقعدى جمبى
مكة لما الدور لو سمحتى وأنا مش السواق بتاع جنابك عشان حضرتك تركبى ورا
ثم تابع بحدة أربكتها وهو يشير إلى المقعد الذى بجانبه أتفضلى أركبى هنا
فلم تجد مكة مفر سوى الإستجابة لأمره خشية من إزدياد غضبه
ولكنها ظلت طوال الطريق تخفض بنظرها وتفرك فى يديها بتوتر وركان يتابع حركتها تلك ويبتسم
ثم توقف أمام أحد المطاعم
فنظرت مكة بتعجب قائلة وقفت ليه هنا
ركان مفيش هتنزل بس نفطر الأول وبعدين نروح البيت عشان عارف حضرتك هتكسفى تاكلى هناك فى الأول عقبال متتعودى على الجو
اتسعت عين مكة بإنبهار متسائلة أنت جايبنى المطعم اللى شكله فخم اوى ده عشان بس نفطر امال لما تتغدى بتروح فين
لا ده شكله غالى اوى وحرام تتدبس فى فلوس كتير عشان فطار
ركان ملكيش دعوة أنت بلى هدفعه انزلى بس
مكة لا مش داخلة البتاع ده
ثم جالت بنظرها فى الطريق لترى أمامها على مطلع الطريق عربة للفول ويقف أمامها عدد من الرجال يتناولون سندوتشات الفول أو من
يحب تناوله بلقيمات من طبقه المعد أمامه بإحترافية
مكة يا باشا
ركان يا نعم
مكة بص حضرتك عربية الفول اللى على اول الشارع دى
ركان بنفاذ صبر ملها
مكة اهى دى تأدى الغرض وزيادة ونملى التنك ونبوس إيدينا وش وضهر وهتفضل شبعان لأخر النهار لإنها بتقفل المعدة
جحظت عين ركان بإندهاش قائلا أنت عايزانى أنا النقيب ركان أقف على عربية فول أكل
شكلك عقلك حصله حاجة
وضعت مكة يديها فى إحدى جانبيها قائلة بسخرية وملها يعنى الوقفة على عربية الفول محضرتك شايف أهو كل الواقفين رجالة بشنبات زى حضرتك بالظبط
وناس زيك زيهم من لحم ودم بس حضرتك فاكر انك من طينة تانية غيرنا
ولا اقول انك بس متقدرش على طبق الفول الجامد اللذيذ ده بالبصل ويا سلام لو جمبه الفلافل السخنة المولعة ولا طبق الباتنجان والبطاطس وشوية مخلل
لا أنا فعلا جوعت من التخيل بس
ضحك ركان على طريقة حديثها وشعر بالجوع فعلا والشغف لتناول هذا الطبق اللذيذ الذى تحكى عنه
ركان بنفاذ صبر مفيش فايدة من لسانك اللى عايز قطعه ده
أعمل فيك إيه
أربطك منه
ولا أقصه أختارى
أرادت مكة تلطيف الجو فداعبته بقولها طيب بس أستنى يا باشا لما أكل الأول عشان اعرف أبلع بلسانى
فاڼفجر ركان ضاحكا حتى دمعت عينيه
ثم ترجل من السيارة وفتح لها الباب قائلا أتفضلى قدامى يا أخرة صبرى
مكة هنروح فين يا باشا
ركان مبتسما هنفطر أنا وأنت على عربية الفول
جحظت عين مكة غير مصدقة ما تفوه به فبادرته بقولها بجد
يا باشا
ركان اه بجد
مكة طيب يعنى حضرتك راجل أهو ماشاءالله مالى مركزك لكن أنا ست ضعيفة منكسرة ومينفعش أقف كده مع الرجالة ميصحش
فأنت تعمل حسابى فى سنجودتشات وأنت أقف براحتك اضرب الطبق
ركان بسخرية نعم يا حيلتها يعنى أنت تقعدى زى الباشا فى العربية تكلى وأنا أقف
مش هى دى شورتك يبقى لازم تنزلى وتقفى معايا
وست ايه بس
أنا مش شايف ايتها ست
فصكت مكة على أسنانها بغيظ وترجلت من السيارة لتدبدب بقدمها الأرض والأطفال متمتمة بصوت منخفض هو أنا يعنى عشان مش بعرف أتسهوك وأدلع فى الكلام ولا ألبس المحزق والملزق مبقاش ست
لا وكتاب الله المجيد أنا ست ونص كمان وبكرة تشوف أباشا
سمع ركان ما تفوهت به فضحك قلبه قبل ثغريه وحدث نفسه قائلا والله أنت ست الستات يا مكة أنا مش عارف ليه معاك عامل زى الطفل الصغير اللى بيضحك من قلبه
مش عارف أنت عملتى فيه إيه
شقلبتى حالى إزاى كده
وبالفعل وقفا معا أمام عربة الفول يتناولون بنهم الفول والفلافل والبابنجان والبطاطس المحمرة مع طبق المخلل والبصل
وكلما وجدته مكة يسدد لها النظر مبتسما اخفضت هى عينيها خجلا ولكنها كانت تنظر له بقلبها الذى أصبح لا يرى غيره فى دنياها تلك الخاوية
ركان تصورى عندك حق أنا أول مرة أكل كتير كده أكلة زى الفل بس مش عارف بطنى حاسس فيها حاجة
مكة بقلق مالك بس يا باشا
أمسك ركان ببطنه مټألما مش عارف مغص كده بسيط
مكة بضحك شكل معدتك فافى شوية والقولون مستحملش الفول يا باشا
على العموم متقلقش تعال نضرب كوبايتين نعناع وأنت هتبقى زى الفل وعشرة
ركان بضحك مش عارف حاسس إنى بكلم واحد صاحبى مش أنسه
مكة بغصة مريرة الحياة فرضت عليه إنى اكون راجل فى تصرفاتى عشان مجرئش ولاد الحړام عليه
ركان إيه ده أنت زعلتى
وطلع عندك ډم زينا
فكزت مكة على أسنانها بغيظ قائلة تصور حلال فيك اللعبكة اللى عملها فيك طبق الفول
ركان بقه كده طيب يلا قدامى للبيت يا هانم
ثم استقلا السيارة نحو منزلهم
دلال مع شحاته ورجل آخر يدعى سيد عضلات
دلال فهمتوا الخطة يا رجالة ولا أعيد تانى
شحاتة فهمنا يا ست الستات بس يعنى أنت متأكدة أن مفيش حد فى البيت دلوقتى وان البت كرميلا هى اكيد اللى هتفتح الباب ونروح شيلينها زى الشوال
دلال ايوه مفيش غير الست والدته وهى هانم طبعا مش بتفتح الباب وكمان تعبانة حبتين
ولى فاصل البت اللى تشك كرميلا والست إكرام الدادة بتاعة سيادته
شحاته ولمؤاخذة أنت عرفتى منين الكلام ده
دلال وهى تلوى العلكة فى فمها دى اسرار بس هقولك يا ولا
البت نعناعة قصدتها تراقب الست إكرام دى
فمشت وراها وهى رايحة السوق وبس شغل حريم بقه كلمة من هنا ومن هنا
جابت كل اسرار البيت شغالة فين وعند مين
وبس قلتلها نظامها ايه فى اليوم بتحضر الغدا اول مالبهوات يمشوا فى وقت معين
وبكده عرفت امتى البيت فاضى
شحاتة بإعجاب يا دماغك العالية يا ست الكل
طيب إفرضى فتحت الست إكرام نعمل ايه
دلال دى ست كبيرة وأكيد بالعقل هتقول الصغيرة افتحى
ولو يعنى هى فتحت هتقول عايز كرميلا بالأسم هتجبها وتعمل المطلوب ولو برده الست إكرام عملت اى مشكلة خدروها وسبوها مرمية
شحاتة تمام التمام يا ستنا
استعنا على الشقا بالله
يلا يا سيد بينا