من نبض الۏجع عيشت غرامي بقلم فاطيما يوسف
له عذرا واحدا غير أنها لم تعجبه ولم يسترح لعناقها بل والأدهى طريقته المهينة التى تعامل بها معها فقد أزاحها وكأنها رثا
ارتمت مكانها على الأريكة ودفنت وجهها بين يداها وداخلها يتحسر ألما ويحدثها غرابة
_ كيف لك أن تفعل بي هكذا عمراني
هل شعرت بالاختناق حين اقتربتني أم شعورا بالنفور مني بين يداي !
كنت بين يداك في لحظة أشعر من فرط سعادتي التي وصلت عنان السماء وعلى حين غرة القيتني إلي سابع الأرض دون رأفة بحالي العاشق لك
ألم تعجبك سكون عمران أم ماذا وجدت في قربها
آلاف من التساؤلات والتخيلات كل ذلك والدموع تنهمر بين يداها تسقط كالأمطار من فرحتها التي دفنت وقتها
_ مالك ياحبيبتي پتبكي ليه ياقلب أختك هو عمران لحق يتخانق وياكي ويخليكي مموتة حالك إكده
_ كان واقف قصادي عنيه هتلمع بالحب وكلامه بينقط عشق ومحبة ليا قال لي كلام خلاني تهت ودبت فيه اكتر ماني دايبة وعاشقة رسم لي نجوم في السما وأحلام مليانة هنا وبيت مستنيني أنوره رفعني فوق فوق السحاب وفجأة نزلني لسابع أرض حسيت كأني حاجة متسواش في نظره .
_ مفهماش حاجة واصل ! يعني عمل إيه ياسكون لده كله
مسحت دموعها بكف يداها الصغيرتين وأجابتها وهي تومئ رأسها للأسفل بخجل
_ كنت في حضنه يامكة الحضن الحلال اللي ياما حلمت بيه ولما حسيت بدفاه واحتوائه وحنانه فجأة رماني وبعدني عنيه كأني حاجة عفشة شفتي زي الطفل البردان اللي متدفي في حضڼ أمه وحنانها وفجأة طلعته من حضنها ورمته كيف هيحس وقتها أهو داي نفس احساسي .
_ طيب مسألتيهوش ايه اللي خلاه يعمل إكده ياسكون
غمغمت سكون بۏجع امتلأ قلبها وجسدها بأكمله
_ سألته قال لي تعبان شوي ولمسته كانت باردة وكأن كان بيتكهرب لما مسني وفجأة سابني ومشي واني دموعي على خدي شاف دموعي وقهرتي منه ومسألنيش ومطبطبش علي مقاليش معلش ياحبيبي ولا خفف عني هرب من الأول وسابني لۏجعي يمو تني .
_ طيب التمس لأخيك المسلم سبعين عذرا فإن لم تجد له عذرا قل لعل له عذرا وأنا لا أعرفه يعني هو كان كويس هتلاقيه حس بصداع جاله فجأة وخلاه مش متحكم في أعصابه وقال يمشي احسن أو حاجة تانية تعبته ومحبش يشغلك وياه
ثم فرصتها من وجنتها بخفة وأكملت تهدئتها
_ هو أني اللي هدافع لك عن عمران حب السنين إياك ! ولا ايه عاد ياداكتورة داي عمران اللي ياما فوقتك من نومك علشان بتنطقي وبتحلمي بيه ولا لما كنت أدخل عليكي والاقيكي ماسكة صورته وتايهة معاها وناسية حالك والدنيا باللي فيها ولما أجي أكلمك بيبقي هاين عليكي تمسكي في خناقي بسببه اطمني ياقمر انتي وافرحي بكتب كتابك ياعروسة ومتسيبيش حاجة تنغص عليكي عشتك .
حاولت سكون أن تصدق الأسباب التي أدلت بها أختها وهدأت من حالها
أما مكة جذبتها من يداها تدعوها إلي صلاة ركعتين قبل أن تنام وتدعوا إلي الله أن يهدي قلبها ويقلل من روعها استجابت لها سكون فهي بحاجة إلي قربها من ربها ومناجاته كي يجعلها تنسي ذكرى مريرة كتلك
أحيانا تواجهنا مواقف يصعب على العقل تصديقها واستيعابها وننكرها بكل الطرق ونكاد نجزم انها لن تحدث مرة ثانية من شدتها ولكن المواقف تعاد من نفس الأشخاص حتي نعتادها وفي كل مرة الۏجع يقل حتى نجزم انها اصبحت جزءا لا يتجزأ من واقعنا .
في نفس الليلة وبالتحديد في الساعة الحادية عشرة مساء كانت تلك الليلة شديدة البرودة حيث كانت الأمطار تتساقط والسماء تبرق لكن كان قلب ذاك العمران مولعا مما حدث ولم يشعر ببرودة الجو ولا بالأمطار الساقطة فوق رأسه حتي ابتل رأسه وهبط خصلات شعره الغزيرة على رأسه بفعل الأمطار وبيده دخان سيجارته ينفثه بشراهة واحدة تلو الأخرى
وصل إليه صديقه محمد وهو يرتعد بردا وبيده مظلته التي تحميه من الأمطار والأخرى يضعها في جيبه وجد صديقه يجلس في البهو الخارجي لحديقة منزلهم والأمطار تتساقط عليه من كل صوب وحدب
تحدث بذهول بشفاه مرتعشة
_ هو إنت ايه مبتحسش يا اخي ! كيف قاعد اكده منيك للمطر
والبرد ده من غير أي حاجة للدرجة دي حبها دفاك ودبلتها اللي مزينة يدك خلتك مدريانش
ثم تابع سخريته بتساؤل
_ ياترى ايه الموضوع الهام والضروري اللي خلاك تصمم اني أجي لك في الليلة البرد داي
أشار إليه عمران أن يجلس بجانبه ولكنه صعق مرددا برفض قاطع
_ وه كانك اتجنيت ياعمران
بيه ! بقي عايزنا نقعدوا في الطل ده ونتحدتوا ولا ايه !
وعهد الله افوتك وأروح لأمي اللي عاملة لنا راكية تدفي العفريت وحاطة براد الشاي عليها وقومتني من الدفا جارها يا هادم اللذات انت ومفرق الجماعات
وتابع بټهديد
_ والله لو ماعملت راكية كيفها و سويت لنا عليها براد شاي لاهفوتك وأمشي منقصاش مرض هي وأقعد جارك اهنه وأني في عيانين في رقبتي .
التوى فم عمران پغضب وقام من مكانه ودخلا الإثنان الاستراحة وقام عمران بجذب المنقد ورص الأخشاب بجانب بعضها مع مراعاة التهوية وقام بسكب قطرات بسيطة من البنزين ثم أشعل لهيب الأخشاب وامتلأ الدفء في المكان وشعر صديقه براحة اغتالت جسده وبدأت عضلاته المتخشبة من شدة البرد تلين ثم قام بمساعدته ووضع الماء والشاي والسكر في ذاك البراد المخصص لذاك المنقد
جلس عمران بجانبه وأخرج علبة السچائر وكاد أن يقوم بإشعالها إلا انه خطڤها من يداه وهو يردد بسخط
_ مكفاكش اعقاب السجاير اللي مالية الجنينة برة داي وعمال تحر ق في صدرك وتضر نفسك ناسي انك عريس وداخل علي جواز اياك ولازم تحافظ على صحتك ولا ايه عاد !
ألقى سيجارته ودهسها تحت قدماه اندهش صديقه من تصرفه ومنظره ثم ربت على ظهره مرددا بحنو مغلف بالقلق
_ مالك ياصاحبي حالتك حالة اكده ليه ده إنت النهاردة يوم مميز بالنسبة لك طمني عنيك شكلك ميطمنش خالص .
أخذ عمران نفسا عميقا ثم نطق بنبرة متعبة
_ قلت لك مهتوفقش والدنيا مش هتظبط وياي طمنتني وقلت لي كلها خرافات وجمد قلبك وأديني أهه جمدت قلبي وحوصل اللي حوصل.
اعتدل محمد بجلسته ووجه كامل أنظاره إليه وتساءل متعجبا
_ يعني ايه مش فاهم حاجة احكي لي بالظبط ياعمران ايه اللي جرى
قلب عمران عينيه بإرهاق من شدة التفكير وتحدث بما يجيش في صدره من آلام
_ كنت وياها زي اي اتنين طبيعين مكتوب كتابهم وقربت منيها وكنت طاير في السما وفجأة حالي اتبدل واتغير لقتني حاسس بدوخة غريبة وجسمي من جوة بيتنفض وقبل ما أحس پالنار اللي قادت في جسمي زقتها بع نف لدرجة وجعتها
واسترسل وجعه وهو يدارى عيناه من صديقه خشية أن لايرى الضعف فيهما
_ هتقول عني ايه دلوك وأني اتعاملت معاها بمنتهى قلة الذوق والقسۏة !
داي من قبل ماأمشي وأفوتها فكرتني إني قرفان منيها وإنها فيها حاجة غريبة خلتني عميلت فيها اكده أنا حيران ومخڼوق من حالتي اللي مفهمش ليها سبب داي ولا حتي عند الأطبا اني سيبتها ودموعها مغرقة وشها ومقدرتش أطيب خاطرها .
انزعج صديقه من حكواه وحزن لأجله كثيرا ولا يعرف ماذا يقول له ولا يوجد عنده تفسير لأي شئ ولكنه حاول أن يجعله يهدأ وألقى على مسامعه عبارات الاطمئنان التى دوما يلقيها عليه ثم أكمل
_ إنت تكلمها دلوك وتحاول تبين لها إنك كنت تعبان وحسيت بالتعب ده فجأة وانك مشيت علشان متقلقهاش ودلوك حالا مينفعش تستني للصبح تفتكر إنها مش في دماغك ولا الحاجات اللي بتاجي في دماغ الحريم داي عاد .
استند بجزعيه علي ركبتيه وكور إحدى يداه وضمھا في الأخرى ثم تحدث بۏجع
_ طيب هقول لها المرة دي إني تعبان وهصالحها المرة الجاية لو اتكررت هيحصل ايه ! ده فاضل شهر واحد ونتجوز ياصاحبي وتبقي معاي علطول وأني زي ماني حاسس إني متربط ومتكتف ومقادرش والنهاردة اتوكدت مليون المية.
نظر إليه صديقه بحزن وأردف بصوت يملؤه التعجب
_ تكونش مسحور ياعمران وحد عميلك عمل خلاك بالشكل ده
رفع رأسه وأجابه باندهاش
_ وه كلام إيه اللي بتقوله ده ياداكتور !
عيب عليك تصدق في الخرافات داي كله كلام فاضي .
حرك محمد رأسه برفض وردد بتصميم
_ له مش خرافات عاد ياصاحبي السحر مذكور في القرآن ومش إنت أول واحد يجرى له إكده
وكاد أن يكمل إقناعه إلا أن عمران هدر به باستنكار
_ وه خلاص خليته جرى لي واتأكدت اني اتسحرت بحق وحقاني .
أشار محمد بيديه كعلامة لتأكيد كلامه
_ وليه لا إنت هتيجي أحسن من سيدنا النبي عليه السلام ماهو سحر هو كمان .
حرك عمران رأسه برفض مرددا
_ له داي أحاديث ضعيفة مهصدقهاش ومتحاولش تقنعني أني مبصدقش الحوارات داي هو على أخر الزمن أني عمران أروح لدجالين ومشعوذين علشان أشوف مالي !
هز محمد رأسه نافيا لكلامه وأردف بنصح
_ له مهنروحش لدجالين استغفر الله العظيم ولا هنعتب لهم عتبة الناس داي
أنا بقول أني والدتي تعرف شيخ زين قووي بيعالج بالقرآن واسميه صابر المداح راجل بيعرف ربنا والناس بتاجي له من كل مكان لجل ماربنا يشفيهم على يده وكماني ولا بياخد فلوس ولا أي شي بيعالج اكده لله .
قلب عمران الموضوع في رأسه ثم هتف بشرود
_ وأني مين اللي هيعمل إكده يامحمد أني مليش عدوات مع أي حد ولا حتي أمي ليها عدوات مع أي مخلوق انت عارف ست طيبة وملهاش في مكر الحريم ولا عمرها زعلت حد وجيران النجع كلياتهم بيحبوها يبقي مين بقي اللي له مصلحة يعمل فيا اكده .
_له فيه ياعمران ... جملة واثقة نطقها محمد بتأكيد وأردف بإبانة
_ ليه متكونش اللي ماتتسمي مرت عمك اللي ناطة لك كل شوية ومنغصة عليك عيشتك مرة فاضية وحطاك في دماغها وهددتك كذا مرة .
اتسعت مقلتي عمران بذهول وردد بدهشة
_ وجد ! معقولة تكون البت داي ! والله لو هي لاهيبقي أخر يوم في عمرها
وتابع دهشته باستفسار
_ طيب هو صابر المداح ده