الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

ابناء يعقوب بقلم ولاء رفعت

انت في الصفحة 13 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز


أن يفعل في ذلك المأزق 
يغفو في سبات عميق بعد أن استسلم إلى النوم جسده يرتجف ربما لأنه غارقا في كابوس موحش يجعله يهمهم بكلمات غير مفهومة حتى أستيقظ فجأة وهو يلتقط أنفاسه انتفض عندما صدح رنين الجرس فنهض ليرى من الزائر. 
ظهر إليه شابا في نفس مرحلته العمرية نحيل القوام عيناه دائرية تغطي نصف وجهه شعر يوسف بالفرح حينما رأي صديقه 

ماجد! 
عانقه وربت عليه فقال ماجد له 
أنا رحت لك على البيت قالوا ليا إنك مش موجود ورحت لك على المحل قابلني هناك عم عرفة وهو اللي قالي إنك عايش هنا أولا البقاء لله ثانيا ليه سيبت البيت وعشت لوحدك 
عقب على سؤالين صديقه 
والدوام لله بالنسبة لسبب إن أنا قاعد هنا دا محتاج شرح طويل وأنا بصراحة مش قادر أو بحاول أنسى 
ولج كليهما إلى الداخل ثم ذهبا إلى غرفة الضيوف كما تفهم ماجد ما يدور في رأس صديقه فربت على كتفه وقال 
ولا يهمك يا چو أهم حاجة جيت أطمن عليك وأعزيك وفي نفس الوقت جيت أحكي ليك خبر ممكن يضايقك وخبر تاني بدعي من ربنا إنك توافق عليه. 
عقد ما بين حاجبيه وسأله 
الخبر اللي بيضايق هو إن إدارة الجامعة عينت
تلات معيدين اتنين منهم ولاد دكاترة والتالت من معارف عميد الكلية. 
هز رأسه بسأم وعقب قائلا 
كان قلبي حاسس. 
كلها وسايط وبالمحسوبية يا صاحبي يعني لو باباك الله يرحمه كان ملى جيوبهم بالهدايا والشيكات مش بعيد كانوا عينوك دكتور على طول. 
أخذ كليهما يضحك يا لها من كوميديا سوداء! 
توقف يوسف عن الضحك فسأله 
طيب وإيه اللي أنت عايزني أوافق عليه 
أخبره صديقه بحماس 
طبعا بتسمع عن شركات التسويق والشحن زي أمازون وغيرها إحنا عايزين نعمل شركة زى الشركات دي أنا عملت دراسة جدوى وحددت المبلغ اللى عايزينه هتبقى شراكة بيني وبينك ومعانا شريك تالت هيساهم معانا بالفلوس وأنا وانت باقي كل حاجة إيه رأيك 
أخذ يفكر قليلا كم تمنى أن يمتلك عملا خاصا به وبالتالي لا يعتمد على أموال والده فسأله 
حلوة جدا الفكرة لكن لازم تكون متفق مع شركات كتير اللى هانكون وسيط ما بينها وبين العملاء ومحتاجين لمندوبين لتوصيل شحن كل منتج مطلوب وفوق كل دا مكان للشركة نفسها. 
أخبره ماجد 
اطمن أنا عملت حساب لكل دا مستني بس موافقتك وشراكتك معايا بالفلوس وبإداراتك لأنك شاطر قوي في الإدارة. 
أومأ إليه ثم انتبه إلي شيء فسأله 
ما قولتليش صح مين الشريك التالت 
ابتسم بفخر وأجاب 
ال business woman أية فؤاد. 
صاح بتعجب 
أختك! 
آه يا سيدي هي آية ما شاء الله بقت fashion designer و make up artist قد الدنيا وكمان هتساعدنا في شحن وتسويق أدوات التجميل وكل الحاجات بتاعة البنات دي مكسبها حلو جدا. 
هز رأسه بالموافقة وقال 
يبقى على بركة الله. 
نهضت رقية من جوار شقيقها تصيح برفض تام 
مش موافقة. 
كان جاسر يمسك بسيجارته وينفث دخانها سألها بتعجب 
ليه إن شاء الله مش دا حمزة اللي كنتي ھتموتي وأبوكي يوافق عليه ولما أبوكي رفضه فضلتي قافلة على نفسك! 
نظرت إليه باستفهام فأردف 
ما تستغربيش أنا آه ما ببقاش موجود بس دبة النملة بعرفها وأنا جاي لك وبقولك أنا موافق على جوازكم يعني المفروض تشكريني. 
حدقت بامتعاض وإصرار قائلة بصياح 
انت ما بتفهمش قلت ليك مش عايزاه وروح قوله كدا ولا هتخاف منه اكمنك الدلدول بتاعه أي حاجة يقولها لك تقول وراه آمين. 
كان الصمت السائد أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة وإذا بها تطلق صړخة دوى صداها في أرجاء المنزل كان قد قبض على خصلاتها ويهزها
پعنف حتى شعرت بأن شعرها سيقتلع في قبضته يحذرها بصياح 
أنا ساكت ليكي من بدري لحد ما سوقتي فيها ولسانك طول جرى إيه هو أنا مش عارف ألمك! طيب إيه رأيك وربنا لهتتجوزيه والخميس الجاي هايكون كتب كتابكم. 
ترك خصلاتها ودفعها على الأرض فتحت والدتهما الباب تسألهما بقلق 
إيه اللي بيحصل يا جاسر بتمد إيدك على أختك ليه 
أشاح بيده قائلا 
أهي عندك ابقي اساليها. 
تركهما وغادر الغرفة دنت راوية من ابنتها فارتمت الأخرى بين ذراعيها واڼفجرت في البكاء فقالت بحزن وأسي 
ربنا يهديك يا جاسر يا بني. 
عاد من الخارج للتو يحمل علي كاهليه ثقل جبل من الهموم ألقى تحية السلام على أهله فردت زوجته التحية وكذلك مريم وسألته 
خالو يوسف ما بيجيش المحل 
أجاب بسأم وحزن نابع من قلبه 
هيجي ازاي يا بنتي وأخوه منه لله خد كل حاجة 
شهقت زوجته وسألته 
أخد منه كل حاجة ازاي 
أخذ يسرد لهما ما حدث في المتجر وعلم أن كل ممتلكات الحاج يعقوب أصبحت ملكا لجاسر ويوسف انتقل إلى شقة والدته التي تقع في أحد الأحياء الراقية كما ترك له والده مبلغا من المال لأنه كان يتوقع حدوث ذلك وبعد أن انتهى من حديثه وقفت مريم وقالت 
عن إذنك يا خالو خدني عند يوسف ونطمن عليه. 
لا يعلم ماذا يفعل فهو محاصر بين طلب جاسر للزواج من ابنة شقيقته وما بين أن يترك عمله الذي يعول منه أسرته وهو قد تجاوز منتصف عقده السادس يصعب عليه في هذا العمر أن يجد عملا يتربح منه ما يكفي عائلته. 
لذا قال لها مرغما 
ما ينفعش يا مريم يوسف دلوقتي ما بين حزنه على أبوه وما بين اللي عمله فيه أخوه بلاش نروح له هنتفهم غلط خصوصا إنه يوم ۏفاة أبوه كان هيجي يتقدم لك ممكن تسألي عليه في التليفون. 
أخبرته بحزن 
تليفونه مقفول. 
يبقى خلاص بلاش تفرضي نفسك عليه هو لو عايزك هيسأل عليكي. 
شعرت بالحزن ربما حديث خالها صحيح لكن كيف هذا وقد اعترف يوسف إليها بحبه وطلب الزواج منها! 
أومأت بسأم وقالت 
أنا داخلة أنام تصبحوا على خير. 
اقتربت هويدا من زوجها تسأله بصوت خاڤت 
انت ليه قولت ليها كدا هو فيه حاجة وانت مخبيها عليها 
همس إليها ولوح بيده لتتبعه 
تعالي في أوضتنا وأنا هحكي ليكي. 
و بداخل غرفتهما بعد أن أخبر زوجته بطلب جاسر وتهديده في آن واحد شهقت وضړبت كفها على صدرها قائلة 
يخربيته هو عايزك تغصب مريم عشان تتجوزه وكمان بيساومك على أكل عيشك! 
طأطأ رأسه إلى أسفل بقلة حيلة قائلا 
مش عارف يا هويدا أعمل إيه أنا عارف مريم متعلقة بيوسف وعمرها ما هتوافق على أخوه. 
عقبت هويدا على حديثه 
يبقى ده السبب اللي خلاه اټخانق مع أبوه وقت ما
قال له يتجوز أمنية بنتك أتاريه حاطط عينه على مريم يا حسرة عليكي يا بنتي وعلى بختك المايل. 
رفع رأسه ورمقها بامتعاض 
وطي صوتك للبنات يسمعوكي. 
هو دا كل اللي همك يا أبو محمود دا بيقولك يا يتجوزها يا هيطردك من المحل المحل اللي كبرتوا من أيام الحاج عبد العليم وبعدين دا واحد غدر باللي من دمه ما بالك ممكن يعمل فينا إيه 
تمعن في حديثها ووجد ما تقوله صحيحا فسألها بتردد من القرار الذي أرغم أن يتخذه لكنه يريد أن يجد ما يؤيده حتى لا يشعر بالذنب نحو مريم ويوسف 
يعني أعمل إيه يا هويدا أنا محتار وعاجز. 
وهي دي فيها حيرة ما هي واضحة زي الشمس قدام عينك انت لو اتطردت من المحل مش هنلاقي ناكل ولا حتى تجوز مريم ليوسف ولا بنتك لصاحب نصيبها دا غير إنك عديت الخمسة وخمسين سنة فصعب تلاقي شغل كويس يعني أخرك فرد أمن ومرتبه ميأكلش عيش حاف. 
سألها مرة أخرى 
طيب مين اللي هيقنع مريم إنها توافق عليه 
ابتسمت بزهو وقالت 
سيب علي أنا المهمة دي أنا همهد الأول وهقولها على اللي فيها وهي مش هترضى بقطع عيشك دا انت خيرك عليها. 
دمعة تساقطت من عين ابنتهما التي كانت تقف وتسترق السمع لقد علمت لما كان جاسر يلاحق مريم في العزاء ويبدو إنها ليست المرة الأولى ولماذا يريدها إلى هذا الحد والسؤال الأخير لما خبأت مريم أمر كهذا ولم تسرده إليها! 
عادت مسرعة إلى الغرفة وجدت مريم تستند بظهرها على الحائط وتضم ركبتيها إلى صدرها وتستند عليهما بجبهتها وساعديها وكأنها تبكي ابتلعت أمنية لعابها قبل أن تجفلها بالسؤال الآتي 
ليه ما قولتليش إن جاسر عايزك يا مريم
12
كيف أعود لك ومرارة أيامي معك لا زلت أشعر بها في فم عمري صامد أمام أمواج حزني منك فما تبقى من العمر لن يكفي لأن أنفقه زادا في غيابك أنت قد علمتني كيف أحبك إلى الحد الذي نسيت به الدنيا وما حوته بينما استكثرت سقيا قلبك على جفاف روحي بل وتركت لي چرحا لن
يندمل مهما مر العمر.
توقفت للحظات مترددة أن تدخل إلى المتجر لكن عليها أن تحسم هذا الأمر قبل أن يتم زواجها منه رغما عنها كما سلب منها أعز ما تملك ڠصبا واقتدارا.
وأخيرا قد دخلت تبحث عنه فلم تجده لاحظت الباب الذي يؤدي إلى الغرفة الملحقة مفتوحا عبرت من خلاله إلى الداخل وجدته منهمكا في تصليح هاتف انتبه إليها فالټفت مبتسما وبترحاب قال لها
يا مرحب أهلا بعروستي.
حدقت إليه بازدراء من أعلى إلى أسفل ثم بصقت على الأرض فأردف وما زالت الابتسامة على شفاه
مقبولة منك يا حب على قلبي زي العسل.
استجمعت قواها لتخبره بشجاعة
ده نجوم السما أقرب لك زي ما أبويا الله يرحمه قال ليك وأنا جيت عشان أقولك ابعد عن طريقي يا حمزة أحسن ليك.
ترك ما في يده ونهض مقتربا منها فابتعدت إلى الوراء بتوجس فابتسم لأنه يعلم برغم تلك الشجاعة الزائفة التي تظهرها إليه ما زالت تخاف منه فهذا ما يطمئنه إنها ما زالت تحت سيطرته ولن تحيد عنها أبدا.
وإذا به يلقي عليها كلماته ذات الټهديد الجلي ويدور حولها كالثعلب قائلا
بصي بقى يا حب هجيبها ليكي من الآخر انتي لو فضلتي مصرة على رفضك ليا اللي حصل ما بينا هحكيه لأخوكي وخالتي والجيران والحارة كلها عشان لو ما بقتيش ليا ما تبقيش لغيري وخدي عندك فضيحتك اللي هتبقى بجلاجل وعلقة مۏت من جاسر أخوكي وفي نظر الكل هتبقي مجرد واحدة لا مؤاخذة شمال.
صاحت پغضب عارم ورفعت يدها لتهوي بها على خده
انت ساڤل وحيوان و...
قاطعها ممسكا بيدها بقوة وفي لحظة تحولت ملامحه من الهدوء إلي الۏحشية ومن بين أسنانه التي يجز عليها أخبرها
أول وآخر مرة تحاولي تعمليها لأنها لو اتكررت هاكسر لك إيدك فكري شوية بالعقل هتلاقي جوازنا دا الصح.
نفض يدها ثم عاد إلى هدوئه مرة أخرى ثم رفع يده ليمسكها من ذراعها فقامت بدفع يده وقالت
أنا بكرهك.
ألقتها عليه وغادرت سريعا.
داخل مبنى مكون من طابقين يقف في البهو يتأمل المكان من حوله وصديقه يشير له نحو الغرف ويشرح له ماذا سيضع هنا وهناك ويخبره بكل خطوة سيتم تنفيذها.
وبرغم السعادة التي تبدو على ملامحه لكنه يخبئ خلفها حزن مرير تذكر أمر حبيبته التي لا يعلم عنها شيئا فقام بالاتصال بها وكانت هي على الجانب الأخر
 

12  13  14 

انت في الصفحة 13 من 19 صفحات