الأربعاء 27 نوفمبر 2024

مذاق العشق المر بقلم سلمي المصري

انت في الصفحة 44 من 66 صفحات

موقع أيام نيوز


الثلجى المخيف 
متفكرش يا فؤاد بيه انصحك متفكرش 
نظر اليه فؤاد بتوعد قبل ان يخطو مغادرا المكان فى تعب دون أن يرد 
التفتت ايلينا الى فارس بابتسامة ممتنة 
مش عارفة بجد اشكرك ازاى 
ابتسم فارس ابتسامته الغامضة الجذابة التى طالما اثارت حيرتها فهى لاتعرف حقا أهي ابتسامة حزينة ام حائرة ام تائهة 

شفتاه تبتسمان بينما عيناه هائمتان فى عالم اخر وقبل ان يرد سمعت صوت ارتطام فتفاجئت بعلي يسقط ارضا فاقدا للوعى 
صړخت ايلينا باسم أخيها وركعت ارضا وهى تضع رأسه على حجرها وټضرب وجنته فى رفق صاړخة فى هستيريا 
على الحقنى يا فارس اعمل حاجة اول مرة اشوفه كدة 
تحسس فارس نبضه وتنفسه بسرعة وهو يقول لها 
اهدى ايلينا هوا بس خاېف دى نوبة فزع مش اكتر حاولى تتكلمى معاه فى اى حاجة وحسسيه بوجودك 
رمقته فى دهشة من أين له اين يعرف كل هذا ولكنها نفذت ما طلبه بالضبط وضمت على اليها اكثر وهى تتحدث اليه وتقبل رأسه بينما يجلس فارس على ركبتيه امامهما حتى هدأ تنفس علي المتسارع وفتح عينيه فقبلته ايلينا على جبهته وحمله فارس الى غرفته وقبل ان يذهب سألته ايلينا فى
فضول 
انت ازاى قدرت تعرف اللى عند على 
هز كتفيه قائلا فى بساطة 
ابدا انا اخدت دورة اسعافات اولية وكنا بنعرف ازاى نفرق بين الحاجات النفسية والعضوية 
ابتسمت ايلينا له فى اعجاب واضح 
بجد يا فارس متشكرة اوى 
شعرت فى نظراته بشىء جديد اصبح يتطور يوما بعد يوم 
تزايد اهتمامه اكثر مع الوقت بينما هى كانت لاتزال تتبع اخبار يوسف رغم حنقها عليه اقنعت نفسها انه الفضول تريد ان تعرف كيف يعيش 
كيف يقضى حياته مع جينا وهل بالفعل استطاع تجاوزها 
تعرف انها الان ربما تحيا وهمها الأعظم الذى استيقظت منه على دقات بابها من فارس دق بابها و كأنه يدق قلبها يطلب الاذن بالدخول فتحت له الباب فنظر لها لحظات دون ان ينطق قبل ان يتنفس فى عمق قائلا 
ايلينا تتجوزيني 
الفصل السادس والعشرون 
هذا اخر ما تمنت ان تسمعه فى الحياة 
أغرقها بسؤاله فى حقيقة لا مفر منها ولا نجاة 
حقيقة كلمة زوج التي لا تعنى لها سوى يوسف 
الزواج ويوسف كلمتان مترادفتان بالنسبة اليها 
رغما عنها وعن كل ما حدث لايمكنها تخيل حياتها مع شخص سواه 
لا يمكنها تحمل لمسات رجل غيره 
مجرد التفكير فى هذا الأمر يصيبها بالتقزز 
لاتريد ان تتخلص من ذكرياتها معه 
لاتملك الارادة لذلك مهما حاولت حتى ان لم يكن هناك أمل فى الوصال بينهما من جديد الا ان الأمر برمته خارج عن سيطرتها 
تحبه رغم كل ما حدث 
رغم خيانته 
رغم جرحه لها وجرحها له الذى يذكرها فى كل لحظة باستحالة ان يجمعهما مكان من جديد 
لافرار من الحقيقة ابدا فلايمكنها ان تكون لرجل بعد يوسف 
مشاعرها وجسدها وذكرياتها وكل شىء قد اصبح حكرا عليه منذ زمن 
رفضت فارس 
رفضت غير عابئة بتقريعات عقلها الذى يصفها بالغباء المطلق فرجل مثله لايمكن لأي فتاة ان ترفضه 
أبت كرامته ان يبقى امامها بعد هذا الرفض فترك المنزل بعد ان ودعها 
لم تستطع ان تطلب منه البقاء فقط لأنها تحتاج الى حمايته فمن حقه ان يأخذ فرصته فى نسيانها والبدء فى حياة جديدة مع اخرى تكون له بكل جوارحها فهو اكبر من ان يكون مجرد تجربة تحتمل الفشل اكثر مما تحتمل النجاح بكثير 
ومرت الأيام تلو الأيام وحياتها على وتيرة واحدة لا تتغير حتى حدث ماحدث فى هذا اليوم حينما عادت الى منزلها بعد ان ابتاعت بعض الأشياء من السوق بدلت ملابسها وانتظرت الحافلة التى تقل اخاها من مدرسته ولكنه تأخر كثيرا عن موعده هاتفت مدرسته فأخبرته انه بالفعل استقل الحافلة التى انزلته امام البيت كالمعتاد كادت ان تجن 
هبطت بسرعة تبحث عنه خارج المنزل وحوله فربما فقد وعيه او اصطدم بشىء فتشت عنه في كل مكان فلم تجده 
جلست على السلم الخارجى للمنزل بعد ساعات من البحث ورأسها يخيل لها كل السيناريوهات المؤلمة عن ضياعه اخذت ټضرب فخديها فى قلة حيلة وهى لا تعلم ماذا تفعل ولمن تلجأ فان ابلغت الشرطة فلن يكن هناك اى تحرك قبل مرور اربع وعشرين ساعة ضړبت على جانبى رأسها فى حزن من بامكانه ايذاء طفل كفيف ولماذا 
سالت دموعها فى عجز لم تشعر به قط فى حياتها فعلي ليس مجرد اخ بل هو ولدها الذي لم تنجبه 
مرت ساعات اخرى وهى على جلستها دون حركة حتى أسدل الظلام ستائره حولها 
انتفضت فجأة على صوت رنين هاتفها فالتقطته سريعا دون ان تنظر الى اسم المتصل ربما كانت المشفى او قسم الشرطة او ايا كان من يخبرها بما يزيح تلك الحيرة الثقيلة عن صدرها فتحت المكالمة وهى تلهث فجاءها صوت اجش غليظ قائلا 
مدام ايلينا مساء الخير ياترى اخوكى وحشك لا لسة 
انتفضت واقفة وهى تمسك الهاتف بكلتا يديها هاتفة فى ذعر 
على اخويا انت تعرف هوا فين 
ضحك المتصل فى سخرية 
فى الحفظ والصون مټخافيش بس لحد امتى ده يتوقف عليكى 
اتسع ثغرها فى صدمة لقد اختطف احدهم على من يكون ولماذا 
جاءها صوته المنتشى قائلا 
ها تحبى نتفق ولا مستغنية عن اخوكى 
تحكمت فى ارتجافها وقبضت على الهاتف أكثر 
انت حيوان انا هوديك فى ستين داهية بټخطف طفل كفيف يا حيوان يا حقېر 
قاطعها فى برود 
كدة انا هزعل ومنصحكيش تجربى زعلى 
ضغطت على شفتها السفلى في عجز لتسأله 
انت عاوز منى ايه واخويا ذنبه ايه اللى بتعمله ده حرام عليك والله 
تأفف المتصل قائلا 
هنقلبها صعبانيات ولا نتكلم بالعقل 
مسحت دموعها لتخبره في جدية 
عاوز منى ايه انا مش معايا فلوس تساومنى عليها 
ضحك المتصل قائلا 
ومين قالك انى انا اللى عاوز الباشا الكبير هوا اللى عاوز عاوزك 
بتقول ايه 
رد فى بروده المقيت 
اللى سمعتيه انتى مقابل حياة اخوكى واختارى 
هتفت فى الم ومرارة 
انت حقېر وۏسخ مين ده اللى باعتك 
واضافت بعد لحظات بصوت متحشرج مترقب 
فؤاد صح هوا فؤاد انا هوديك وهوديه فى داهية 
تنهد قائلا 
براحتك بمجرد بس ماتفكرى تقلى بعقلك چثة اخوكى هتكون عندك انتى حرة 
ماسمعته يعجز عقلها عن استيعابه 
لم تتخيل فى اصعب كوابيسها ان تتعرض له 
كيف يساومها هذا الحقېر بتلك الطريقة 
كيف يستغل طفل كفيف فى خطة كهذه 
ماذا عليها ان تفعل 
نهضت فى تثاقل دالفة الى شقتها 
ارتمت ارضا فى قلة حيلة 
وضعت الهاتف امام عينيها للحظات وابتلعت ريقها فى توتر وهى تدير رقم فارس وبعد عدة محاولات وجدت هاتفه مغلقا 
فكرت فى يوسف ولكنها تراجعت على الفور وهى تتذكر انه خذلها من قبل حين استنجدت به يوم ان تهجم عليها فؤاد ظلت هكذا على وضعها لساعات دون حركة وهى تتخيل ما يمكن ان يلاقيه اخوها الان على ايدى هؤلاء القساة 
سدت اذنيها كأنها تسمع اناته من بعيد وهو يتلقى من قسوتهم ما يرفض حتى خيالها رسمه 
انتفضت على صوت رنين الهاتف مرة اخرى فالتقطته بكف مرتعد ليأتيها صوته البغيض 
ها فكرتى ولا لسة 
انتحبت فى ضعف يعتريها للمرة الاولى فى حياتها

وهى تتوسل اليه 
ارجوك انا مقدرش اعمل اللى بتطلبه ده خلى فؤاد يكلمنى وانا هتفق معاه 
رد فى غلظة 
الباشا بيقولك قدامك ساعتين يا تكونى قدامه يا تقرى الفاتحة على روح اخوكى 
انتحبت اكثر فقال 
من غير عياط ملوش اى لزمة ها قولتى ايه 
اغمضت عينيها هامسة فى انكسار 
حاضر 
تنهد قائلا 
يارب ساعدنى انا مليش غيرك مقدرش اعمل كدة ابدا يارب 
مسحت دموعها وادارت رقم صوفيا 
تخلصت من كل انفعالاتها بصعوبة وهى تقص لها بالتفصيل ما حدث وعن نيتها التى اصابت صوفيا بالفزع وهى تتوسل اليها ان تتراجع ولكنها قد عزمت وبقوة وطلبت منها ان اصابها سوء ان تحضر الى مصر وتأخذ علي الى باريس وبلا عودة وانهت بعدها المكالمة غير مكترثة بصرخات صديقتها المذعورة 
عادت الى واقعها الذى لم تتخيل ان تعيشه والى من يقف الان أمامها بنظرة ظفر وتشفى لم تتخيل ان تراها فى عينيه لها ابدا 
ايه ده يا مدام انتى ايه اللى جايبك هنا قبلتى بالعرض وجيتى تسلمى شرفك 
قطب حاجبيه باصطناع التأثر ليواصل 
ازاى بس ده يحصل هوا فيه حاجة ممكن تضطر الانسان انه يعمل حاجة ڠصب عنه فيه حاجة اسمها ظروف اصلا 
ليه وصلتينا لكدة 
وارتفع صوته وهو يهتف فى ڠضب مشوب بالم غريب ليه وصلتينا لكدة ليه عملت فيا كدة انا محبتش حد فى الدنيا قد ما حبيتك كل اللى طلبته منك فرصة قولتلك اوعى تسيبى ايدى ابدا وخلينا نكمل طريقنا سوا خسرتينا كل حاجة ابنى وامى كل حاجة يا ايلينا 
أشاح برأسه ليزدرد ريقه ويعاود الهمس فى الم 
محدش وجعنى فى الدنيا قدك 
بس تصدقى انك فعلا وحشتينى 
اللى كنت عاوز اقوله قلته خلاص واعتقد ان اللى عايز اوصلهولك وصلك 
واستدار لها فجأة 
وانا مخطفتش اخوكى اخوكى فى اوضة هنا فى الفندق انا اللى جبته بنفسى من قدام البيت وسواء جيتى او مجتيش كنت هرجعه انا اقنعته بطريقتى انه ييجى معايا عشان عاوز اتكلم معاه شوية و 
يوسف انت هنا
وانا بدور عليك ايلينا عندها مشكلة كبيرة ولا 
وتوقف عن الكلام فجأة وهو ينظر الى ايلينا التى استدارت له بنظرات منكسرة ظنها فى البداية قد لجأت اليه ليساعدها ولكنه ادرك ما لم يمكنه تصديقه حين عاد اليها النطق لتقول بحروف مبعثرة وهى تنظر الى يوسف پألم 
حقېر حقېر بكرهك هفضل اكرهك لاخر يوم فى عمرى 
تقدم زين ببطء الى اخيه وصړخ فى ڠضب وهو يشير بسبابته تجاه الباب حيث خرجت لايصدق ان من قصدته كان هو 
يوسف انت عملت ايه 
معملتلهاش حاجة اهى ماشية قدامك اهى زى ما هيا وانت لما دخلت الباب كان مفتوح وكنت بعيد عنها 
هز زين رأسه فى مرارة وقد فهم الخدعة كلها دون سؤال 
وانت لما تذلها بالطريقة دى لما تعمل كدة مع واحدة زى ايلينا تبقا كدة معملتلهاش حاجة مش هتسامحك يا يوسف عمرها كله مش هتقدر تسامحك 
هتف به يوسف وهو يكور قبضته 
ومين قالك انى انا كمان قدرت اسامحها بعد كل اللى عملته انت ناسى هيا عملت ايه ناسى امنا اللى خسرناها بسببها و 
اوقفه زين بكفه 
متخدعش نفسك يا يوسف امنا ماټت لان ده عمرها لكن ايلينا متبلتش عليك ولا كان قصدها حاجة غير انها ترد كرامتها من وجهة نظرها انا مبقولش انها صح لكن انك تحملها كل المسئولية وكأنك انت كمان مش مشترك فيها يبقى بتظلمها انت عارف ايلينا كانت جايالك وناوية على ايه يا يوسف 
ركضت بأقصى سرعتها وبكل طاقتها حتى دون ان تطمأن على اخيها 
ركضت وكأنها تفر الى المۏت 
هبطت الفتاة التى كانت تقود السيارة فى جزع 
اتجهت اليها تحاول ان تستشعر نبضها التفتت حولها في ذعر تبحث عن أي شخص يساعدها نادتها في خوف وقد اصابتها الډماء بالذعر 
قبضت على الهاتف بكفها في قوة وهي تهدر في قلق 
ردي يا ايلينا ردي 
صوفيا 
نداء رقيق من خلفها التفتت
 

43  44  45 

انت في الصفحة 44 من 66 صفحات