السبت 23 نوفمبر 2024

قصه جديده روايه بقلم نورهان العشري

انت في الصفحة 13 من 24 صفحات

موقع أيام نيوز


كل هذه الدموع صدقيني.
لم تجبها ولكنها اعتدلت حتى أصبحت تجلس أمامها
ثم قالت بصوت مبحوح من فرط البكاء
_ أعلم ولكني لا أبكي عليه ولن أفعلها أنا أبكي على نفسي وعلى ما أوصلتها إليه.
تأثرت نور من حديثها فقالت تواسيها
_ إذن لا تجهزي عليها فهذا الحزن قد يقتلك يوما إن لم تقتليه أنت.
تشابهت عينيها مع نبرتها حين قالت بجمود 

_ أعلم ولا تقلقي لقد قټلته ذرفته وسط تلك العبرات المريرة وتخلصت منه والآن أريد استعادة نفسي القديمة والأخذ بثأرها.
بهتت ملامح نور من حديث هدى وقالت باستفهام
_عذرا لم أفهم أي ثأر هذا!
تجاهلت سؤالها وهي تهب من مكانها تتوجه إلى غرفة الملابس لتخلع عنها المنشفة ثم قامت بدس جسدها في أحد المآزر قبل أن تقوم بجمع كل تلك الملابس الباهتة التي تشبه سكان هذا المنزل وتقدمت إلى منتصف الغرفة وقامت بإلقائها أرضا ثم عادت وجمعت الباقي وأعادت ما فعلته مرة أخرى وسط أنظار نور المندهشة 
_هدى ما هذا الذي تفعلينه!
_ أتخلص من كل هذه القمامة.
أنهت جملتها وتوجهت إلى الباب وقامت بفتحه والنداء على إحدى الخادمات التي هرولت إليها فقالت هدى آمرة
_هذه الثياب لك يا سيدة مديحة هيا خذيها.
ابتهجت الخادمة كثيرا وشكرتها بعمق وتوجهت تلتقط الثياب وهي تخرج من الغرفة فرحة فأغلقت هدى الباب خلفها ثم التقطت الهاتف لتقوم بإجراء مكالمة هاتفية وما أن أتاها الصوت على الطرف الآخر حتى قالت آمرة 
_ جهز لي السيارة سأخرج بعد عشر دقائق.
ضاقت ذرعا بما يحدث فهتفت بنفاد صبر
_هل لي أن أعلم ماذا تفعلين! وإلى أين أنت ذاهبة!
أجابتها هدى بسلاسة
_ سنذهب للتسوق.
_لم لا تجيب على اتصالاتي أيها الوغد!
هكذا تحدث فراس وهو يترجل من سيارته قاصدا باب القصر الداخلي بعد رجوعه من عمله فأجابه شاهين ساخرا
_هل هكذا تخبرني أنك اشتقت لي أيها الدب ذو الفم الكبير!
فراس بفظاظة
_لا تثرثر كثيرا فلا طاقة لي باحتمال سماجتك.
واصل سخريته قائلا
_سماجتي أفضل بكثير من رياء تلك الأفاعي التي تسكن معها.
زفر بملل قبل أن يقول بجفاء
_كلاكما أسوأ من بعض هيا أخبرني متى ستعود!
شاهين بلهجة خيم عليها التعب
_لا أعلم ولا أريد العودة من الأساس.
فراس بصرامة
_ ثلاث أيام
الفصل السابع
يحدث
أن تسلك كل الطرق للهرب من هيمنة شخص ما استملك كل ذرة من كيانك وطغى هواه للحد الذي يجعلك عاجزا عن مقاومته ولكن ما إن تغادره يجتاحك شعور مضاء بالغربة وكأنك طير طريد يشتاق لتراب وطنه.
نورهان العشري 
_ ألم يحن الوقت للعودة بعد!
هكذا تحدث شاهين بنبرة عالية يغلب عليها الامتعاض الذي لون معالمه فلفت انتباه هناء التي التفتت تحتوي انزعاجه باحتواء شغوف 
وهي تقول باستعطاف
_حبيبي لا تقل أنك مللت فالسهرة ما زالت في بدايتها.
رمقها باستياء تجلى في نبرته حين قال
_ لا أحتاج إلى أن أقول أنني مللت أنتظر أن تلاحظي ذلك بنفسك.
تصاعدت أبخرة الڠضب إلى رأسها ولكنها حاولت تجاهلها وإضفاء الحزن على لهجتها حين قالت
_هل مللت مني!
ارتفع إحدى حاجبيه وكأنه يخبرها بأن خداعه ليس بالأمر السهل ولكنه اكتفى بتصحيح ظنها قائلا بفظاظة
_ لقد مللت من كل هذا الصخب وهذه الضوضاء.
_ شاهين أرجوك هذا شهر عسلي وأريد أن أستمتع قدر الإمكان.
هكذا تحدثت بحنق تجاهله فأخذ ينظر أمامه باستياء فلم يكن من محبين الضجيج أو الأصوات العالية بل كان أكثر من ينشد الراحة والهدوء وعلى ذكر الهدوء أخذ قلبه يستعرض بعضا من ذكرياته معها.
عودة لوقت سابق.. 
_ حبيبتي هيا سنتأخر على الحفل.
هكذا صدح صوت شاهين وهو يدخل إلى الشاليه الخاص بهما في أحد المناطق الساحلية وأخذت عيناه تبحثان عنها في كل مكان إلى أن سمع صوت طرقات كعب حذائها يأتي من أعلى الدرج فارتقى بنظراته إلى حيث تقف ليتوقف الزمن به لثوان وهو يبصر جمالها الأخاذ 
_ لقد انتهيت من تجهيز نفسي ما رأيك!
هكذا أجابته بلهجة خجولة متوترة من نظراته الجريئة وعيناه اللتان أظلمتا برغبة قاتله سرعان ما تحولت إلى ڠضب حارق تجلى في نبرته حين قال
_ تلك المفاجأة لا تكفيها واحدة بل لن يكفيها عمرا بأكمله لوصف مدى روعتها.
اغتبطت بقوة من كلماته التي توحي بمدى إعجابه بمفاجأتها فخرجت حروفها مبتهجة ومتلهفة حين قالت
_سعيدة لأن مفاجأتي أعجبتك فقد كان عيد ميلادك الأول ونحن معا لذا فكرت أن أجعله مميزا وأن يكن ذكرى جميلة بيننا بعيدا عن صخب حفلات عيد الميلاد. 
أجابها بسرور
_فكرة رائعة تشبهك وأنا أحب تكرار تلك الأفكار كثيرا.
ابتسمت بخجل وقالت بخفوت
_ أعلم أن الجميع ينتظرنا للاحتفال ولكن أعدك بأن لا نتأخر عليهم و
قاطعها بلهفة وعينان شغوفتان تهيمان بها
_فليذهب الجميع إلى الچحيم فذكرى مولدي أصبحت عيدا لأنك معي. 
قة
_إذن لن تفتقد حفلتك الصاخبة التي تقيمها العائلة كل سنة!
شاهين بعذوبة وعينان يطلان منهما الهيام
_صخب تلك الحفلات لا شيء مقارنة بصخب قلبي بحضورك. 
كان كمن يعبث بإعداداتها وخاصة حين غازلتها عينيه بتلك الطريقة فعرفت كفوفها طريقها إلى وجهه لتحتويه بحب انساب من بين حروفها حين قالت
_ كل عام وأنت بخير ولتكن جميع أعوامك سعيدة.
صحح كلماتها بنبرة محمومة بوهج العشق
_كوني معي إذن حتى تكون جميع أعوامي سعيدة.
همست بدلال
_أنا معك دائما.
ابتلع باقي كلماتها بجوفه ليطفئ نيران شوقا ضاريه لا تهدأ أبدا.
عودة إلى الوقت الحالي.
_شاهين شاهين!
أخرجه صوتها من عالمه الذي يحاول الفرار من بين براثنه بكل قوته فالټفت يناظرها بعينين حانقتين من ذلك القلب الذي لا ينفك عن تسميم عقله بذكريات باتت مؤلمة ليسحبه من واقعه إلى حلما جميلا كانت أقصى أمنياته أن يدوم إلى الأبد.
_ماذا بك! وبم أنت سارح! ولم تنظر إلي هكذا!
جاء الصباح وبعثرت الشمس أشعتها على ستائر الليل السوداء... فأضحت منيرة متوهجة تبعث الأمل في القلوب أن بعد الظلمات نورا سيبدد عتمة الماضي وينير الحاضر... 
_هل أنت بخير!
حاولت إيجاد صوتها لتجيبه بنبرة حاولت
جعلها ثابتة
_ نعم سأخرج بعد قليل.
_حسنا.
لامست في نبرته شوائب الڠضب ولكنها لم تعلق بل أخذت تنظر بخزي إلى مظهرها الذي أصبح خريطة حبرها قب السخية التي لم تدع إنشا واحدا منها إلا وزخرفته بنقوش ستبقى آثارها طويلا لتذكرها بمدى وضاعتها وخنوعها لعواطف حسية مندثرة وخاصة حين داهمت عقلها كلمات والدتها التي تعلق عليها كل آمالها.
_عديني أنك ستأخذين بثأر والدك يا نور عديني أنك لن تضعفي أمام هذا الرجل أبدا.
همست پقهر وهي تشدد من احتضان كتفيها
_أعدك يا أمي أنني سآخذ بثأر والدي وسأرسل هاديس إلى الچحيم الذي أتي منه.
أنهت حمامها وخرجت تتمنى لو تجد الغرفة خالية منه وقد تحققت أمنيتها حين لم تجده فتوجهت إلى غرفة الملابس لترتدي ثيابها وحاولت أن تخفي تلك العلامات بأدوات الزينة وهي تحاول ألا تتذكر شيئا مما حدث أمس وتركز على خطتها في تحقيق مآربها في والأخذ بثأرها مهما كلفها الثمن.
كانت غارقه بأفكارها وهي تغلق باب غرفتها للتوجه إلى الأسفل فوجدت ساجد يرفع إياد عاليا والأخير ېصرخ باستمتاع فهوى قلبها خوفا من أن يفلت الصغير من بين يدي شقيقها فهرعت إليهما وهي تصرخ بانفعال
_توقفا عن هذه الألعاب المؤذية. 
_اهدئي.. سيأتي الطبيب في الحال.
اهتمامه بتلك الطريقة وحنانه معها وخوفه عليها أشياء ليست بالهينة أبدا وخاصة على عقلها الذي شعرت به يرسل إشارات خاطئة 
_فقط أتألم.
لم تخلو
لهجته من العبث حين قال
_إذن لم تعودي تخشين هاديس 
حاولت تجاهل ذلك الصخب بداخلها وقالت بلهجة بدت واثقة
_ لا.
أفرجت شفتاه عن بسمة خاڤتة قبل أن يتابع إضرام نيران الخجل بداخلها أكثر 
_اممم أظن أن ليلة البارحة بدأت تظهر فاعليتها منذ الصباح.
عند هذا الحد لم تستطع مجاراته فهي تعلم أنها كالعصفور الذي يقف في مواجهة أسد جسور ناهيك عن ألم قدمها الذي تفاقم أكثر لذا همست بحنق وهي تدير رأسها إلى الاتجاه الآخر
_مستفز. 
سطعت بسمته تلك المرة أقوى وهو يشاهد حنقها الذي تحاول قمعه أكثر فأردف بخشونة قاصدا إسهاب توترها
_أملك الكثير من الخصال التي قد تثيرك أكثر من الاستفزاز.
لم تفلح في الرد عليه فقد دق باب الغرفة معلنا قدوم الطبيب الذي فحصها وأخبرهم بأنها لوت كاحلها بطريقة سيئة وقد يستغرق الأمر أسبوعا قبل أن تستطيع الحركة بسلاسة مرة أخرى وقام بوصف بعض العقاقير التي تساعد في شفائه ومن بينهم مرهما شدد أن يدلك به كاحلها يوميا قبل النوم.
فالتمعت عيناها حين سمعته يقول بفظاظة
_ لا تقلق أيها الطبيب سأتأكد بنفسي من أن يحدث ذلك.
أنهى جملته ثم شكر الطبيب وقام بإيصاله إلى الأسفل ليتركها حانقة على كل ما يحدث معها وخاصة مشاعرها اللعېنة بقربه ولكنه لم يمهلها أكثر من عشر دقائق فقد عاود أدراجه إليها وهو يقول بفظاظة
_الخادمة ستحضر لك طعام
الإفطار هنا ثم ستتناولين أدويتك وترتاحين كما أمر الطبيب.
اغتاظت من لهجته الآمرة ومن هذا العبث والمكر اللذان يزينان نظراته فتعاظم الڠضب بداخلها وتجلى بنبرتها حين قالت
_فقدت شهيتي لا أريد تناول الطعام.
فوجئت حين اقترب منها ليتربع في مواجهتها على السرير وهو يقول بلهجة عابثة
_إذن سأجعلك تستعيديها مرة أخرى.
تحدثت بترقب وهي تنظر إلى عينيه اللتين أظلمتا فجأة
_كيف ذلك!
لم تبتسم ملامحه ولكن عينيه فعلت فتعانقت نظراتهما لثوان قبل أن تجده وثب قائما وهو يغلق أزرار بذلته قائلا بلهجة آمرة
_سأغادر إلى الشركة الآن وسأعود قبل العشاء لا داعي لأن أخبرك أن تتبعي إرشادات الطبيب.
لم تجبه فقد كانت تغلي من الڠضب الذي تعاظم أكثر وهي تجده يرفع إحدى حاجبيه احتجاجا على صمتها فهمست من بين أسنانها
_حسنا.
_هل تتحدث بجدية الآن! هل سنعود غدا!
هكذا صاحت هناء بحنق قوبل بالجمود من ناحيته حين قال باختصار
_نعم.
اهتاجت من فرط الڠضب فلم يمض ثلاثة أيام على بقائهما هنا في هذا المدينة الساحلية الرائعة التي كانت من ضمن أحلامها التي لم تجرؤ حتى على تمني تحقيقها ولكنها تحققت معه والآن وقبل أن تستمتع بوجودها فيها يخبرها بأنهما سيعودان غدا.
حاولت قمع ڠضبها قدر المستطاع واستبدلته بخيبة الأمل التي مزجتها بسحرها الذي مارسته باحترافيه وهي تقترب من سياج صدره 
_أرجوك حبيبي أخبرني أنك تمزح فلم تتح لنا الفرصة للتمتع معا بجمال المكان وأيضا ألم تعدني بقضاء شهر عسل كامل هنا
غمرت السخرية ملامحه وتجلت في نبرته حين قال
_شهرا كاملا هنا! من أين أتيت بهذا الآن أنا حتى بزواجي الأول لم أقض شهرا كاملا برفقة هدى.
ذكر اسم غريمتها كان سهما مشټعلا أضرم نيران الحقد والڠضب بأوردتها فتجمدت يديها على صدره للحظة قبل أن تتراجع باندفاع إلى الخلف وهي تقول بشراسة لم تستطع التحكم بها
_ما الذي أتى على ذكرها الآن ولم تتحدث هكذا هل زوجتك الأولى أفضل مني أم.
قاطعها بفظاظة وهو يحاول قمع فيضان ڠضبها قبل أن يتمادى ويغرقهما
_توقفي يا هناء لا يستدعي الأمر كل هذه الضجة.
هناء بانفعال
_حقا! ذكر اسم زوجتك الأولي بيننا في شهر عسلنا وبتلك الطريقة لا يستدعي!
تفاقم
 

12  13  14 

انت في الصفحة 13 من 24 صفحات