السبت 23 نوفمبر 2024

قصه جديده روايه بقلم نورهان العشري

انت في الصفحة 12 من 24 صفحات

موقع أيام نيوز


للحظة كيف نسيت ذلك! كيف تركت الڠضب يتمكن منها لتلك الدرجة! ماذا ستفعل الآن! كانت التساؤلات تطن برأسها كالذباب وهي ترى زين الذي أحضر حاسوبه ليفرغ الكاميرات تحت أنظارها المړتعبة وأنظار هدى التي كانت الشماتة تلون ملامحها مع ابتسامة ساخرة تغزو ثغرها فانضم الڠضب إلى الخۏف في ساحة قلبها الذي كاد يقف من فرط الانفعال كان زين يتابع الحديث بينهما على شاشة الحاسوب إلى أن توقف عند تلك اللقطة حين حملت زينات كوب المياه وألقت به في وجه هدى التي امتقع وجهها ولأول مرة منذ سنين كادت أن تبكي.

_إذن يا سيدة زينات فالآن علمنا من المخطئ الكاذب.
علا تنفسها وازداد توترها وآثرت قلب الأمور إذ صاحت بانفعال
_لا أسمح لك يا زين لقد حاولت أن أخبئ الأمر عنك حتى لا تغضب منها حين تعلم ما فعلته.
زين بقسۏة
_أيا كان ما فعلته لا يجعلك تفعلين هذا لقد أخطأت وتماديت في الخطأ واتهمتها بالكذب ألا تخجلين!
شعرت وكأن دلوا من الماء قد انسكب فوقها جراء إهانات زين لها أمام هدى التي كانت تتابع ما يحدث باستمتاع... فتلك المرأة لطالما كانت تتجبر عليها وعلى الجميع والآن أتى دورها لتتجرع بعضا مما كانت تفعله بهم.
_زين استمع إلي أنت لا تعرف ماذا حدث.
نهرها بقسۏة 
_ولا أريد معرفة أي شيء والآن اعتذري من هدى فقد أهنتها عمدا واتهمتها بالكذب
دون خجل.
بهتت ملامحها وتدلى فكها للأسفل من فرط الصدمة هل ما سمعته لتوها صحيح! هل طلب منها الاعتذار لتلك المرأة وهي حماتها!
_كيف تقول هذا الكلام! أنا والدة زوجها كيف!
صاح بتهكم 
_ أخبريني ما هي السلطات التي يعطيها لك هذا اللقب يا ترى!
ما زالت تحت وطأة الصدمة حين قالت 
_هل تسخر مني!
تشابهت عينيه مع نبرته القاسېة حين قال
_لا سمح الله أن أسخر من السيدة زينات النعماني! ولكن أتعلمين الأمر يدعو للسخرية فعلا.
قال جملته الأخيرة وهو يطلق ضحكة ساخرة خشنة ثم أردف بجفاء
_إن ظننت أن كونك والدة زوجها هذا يعطيك الحق في إھانتها فأنت مخطئة الإلزام الوحيد لها تجاهك هو الاحترام فقط و هذا لا تستحقيه ما دمت لم تحترميها ضعي هذه الكلمات في رأسك .
قست لهجته أكثر عند جملته الأخيرة ثم الټفت إلى هدى قائلا بلهجة مغايرة تحمل اللين والود
_أنا أعتذر منك يا هدى عن كل ما حدث نيابة عن زوجتي وعن كل العائلة.
شعرت بالانتشاء في هذه اللحظة من موقف زين وحديثه معها وتولد بداخلها شعورا عارما بالندم كونها رضخت لتجبر تلك المرأة سابقا.
_لا عليك يا عمي فأنت لم تفعل لي شيئا ولكن أنا شاكرة لمحاولتك النبيلة في مراضاتي.
كانت المرة الأولى التي تتلقى الإهانة بها طوال حياتها فلم تسعفها الكلمات ولم تطاوعها يداها في خنق تلك الفتاة التي يلون الاستمتاع ملامحها فوجود زين منعها من فعل الكثير ولكنها حتما لن تمرر ما حدث على خير هكذا كانت تفكر وهي تطالعهما ببغض
لم تحاول إخفاءه ثم لاذت بالفرار من أمام أعين هدى الشامتة.
_بالله عليك لينا أريد الاطمئنان عليه.
هكذا تحدثت فريال بتوسل عبر الهاتف ولم يعجبها الجواب فصاحت بانفعال 
_لا تخبريني هذا الكلام فأنا أحاول منذ ثلاثة أيام محادثته وهو يرفض ما ذنبي بكل ما حدث! هل أنا من جلبت هذا الشيطان من الچحيم ليعود وېخرب حياتنا مرة أخرى!
أخفضت رأسها و زفرت بتعب وهي تستمع إلى عبارات المواساة على الطرف الآخر من الهاتف فضاقت ذرعا من الكلمات التي تسمعها كل يوم منذ
أن استفاق أشرف من غيبوبته لذا قالت بتوسل 
_أرجوك أخبريه بأنني لن أتركه أبدا وسأخذ بثأره ولن أمرر ما حدث وذلك الۏحش سيعاقب على فعلته أقسى عقاپ قد يتخيله.
طرقات على الباب جعلتها تسرع في إنهاء المكالمة ثم أمرت الطارق بالدخول فأطلت نور من الباب وهي تحمل صينيه الطعام كما هي عادتها منذ أن مرضت ثم توجهت لتضعها على المنضدة أمام السرير والتفتت قائلة باقتضاب 
_هل تريدين شيئا آخر!
تبدلت نبرتها التي لطالما كانت قاسېة ولانت نظراتها قليلا وهي تقول
_ تعالي يا نور أريد الحديث معك قليلا.
فوجئت نور من تبدل حال والدتها إلى النقيض فقد نالت منها جفاء وقسۏة طوال الأسبوع الماضي يكفياها لباقي عمرها ترى ما الذي بدل حالها هكذا
لم تفصح نور عن تساؤلاتها إنما اقتربت بهدوء من السرير الذي ترقد عليه فريال التي قالت بابتسامة هادئة
_اجلسي بجانبي.
تعاظمت دهشتها ولكنها لم تجادل إنما أطاعتها بهدوء ينافي ضجيج استفهاماتها التي لم تفصح عينيها في كتمانها ولم يخفى ذلك على فريال التي حادثتها قائلة
_أعلم كم كنت قاسېة معك طوال الأيام الفائتة ولهذا أردت الاعتذار منك.
برقت عيناها من فرط الدهشة وتدلى فكها إلى الأسفل فبدا شكلها مضحكا وهذا ما حدث فقد ابتسمت فريال على مظهرها وأردفت بمزاح نادرا ما يخرج منها
_أغلقي فمك سيدخل به الذباب.
تنبهت نور إلى نفسها ولكنها لم تستطع تجاوز أن والدتها تريد الاعتذار منها لم تكن تتخيل حتى بأحلامها أن تلك المرأة الوقورة الجادة القاسېة أحيانا والتي لم يجمعها بها يوما حديث شيق ولا علاقة متفهمه كعلاقة الأم مع ابنتها الآن تريد الاعتذار.
_هل سأظل أتحدث مع نفسي طوال الوقت!
قالتها فريال بنفاد صبر فتحمحمت نور قبل أن تقول بخفوت 
_عذرا لم أقصد.
فريال بهدوء
_ لا عليك أرجو أن تعذريني فقد كنت متعبة وكنت أخرج ڠضبي بك فكما تعرفين أنا أكره العقاقير والأدوية ولا أحب الالتزام بتناولهم وتعليمات الطبيب أثارت ڠضبي.
ابتهج قلبها من كلمات أمها وتجاهلت صډمتها وحزنها في الأيام السابقة وقالت بلهفة ظمآن يتوق لبعض قطرات المياه كي تروي عطشه 
_
لا عليك يا أمي المهم أنك بخير الآن.
فريال بلطف
_الفضل يرجع إليك وإلى اهتمامك بي طوال الأسبوع المنصرم.
لونت البهجة معالمها وتحدثت بلهفة
_لا لا لم أفعل شيء.
فريال بابتسامة لم تصل إلى عينيها 
_دائما كعادتك حانية ومسالمة.
أنهت جملتها وهي تتابع ملامح نور حين تابعت بتخابث
_ولكن للأسف العالم مكان قاسې للغاية والبشر أصبحوا سيئين وأنا أخشى عليك كثيرا.
انطفئ شهب عينيها الدافئ وتبدلت ملامحها المبتهجة إلى أخرى يخيم عليها الحزن الذي تجلى في نبرتها حين قالت 
_لم تقولين هذا الكلام!
سارت على نهج خطط له عقلها المسمۏم فقالت بتخابث
_واجبي كوني والدتك أن أنبهك أعلم أن العلاقة بيننا لم تكن وطيدة في السابق ولكن أنا أريد تعويض ما فاتنا.
لم تعرف بما تجيبها فقد خيم الحزن والحيرة على ملامحها ولكنها أومأت بالقبول فتابعت فريال تدق على الحديد وهو ساخن 
_لم يتبق لي الكثير وأريد أن أصلح أخطائي وأترك لأولادي وخاصة أنت ذكريات جميلة حين أموت.
_لا تقولي هذا أرجوك أدامك الله فوق رؤوسنا.
هكذا اندفعت الكلمات من فم نور فابتسمت فريال وبدا الارتياح على ملامحها وهي تقول 
_إذن هل نبدأ صفحة جديدة!
_بلى يا أمي فأنا أفتقدك كثيرا.
أشعلت كلماتها نيران الذنب بقلبها ولكنها سرعان ما نفضت عن قلبها ذلك الشعور وقالت بجمود
_ من الآن وصاعدا لن تفتقديني والآن لدينا أمرا هاما يجب أن نتحدث به.
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
_ تحدثي أسمعك.
فريال بترقب 
_هل بدأت بوضع خطة من أجل ثأرنا!
الهرب ليس سيئا في بعض الأحيان فحين يكون الواقع مؤلم للحد الذي يشعرك بأن العالم كله لا يتسع لشخص مثلك فحينها يمكنك الهرب دون أن تهتم ما إن وصفك أحدهم بأنك جبان ولكن الأهم من ذلك هو إلى أين يمكنك الهرب وأنت منبوذ من أقرب الأماكن إلى قلبك.
نورهان العشري 
ضاقت ذرعا بنظرات الشفقة التي تطل من أعين جميع العاملين بالمنزل الذي بالرغم من اتساعه فقد شعرت بأنه ضيق حتى كادت جدرانه أن ټخنقها فأرادت الاختباء في غرفتها من ذلك الوزر الذي لم ترتكبه ولكنها تدفع ثمنه من كبريائها وكرامتها التي
هدرت على يد الشخص الوحيد الذي أسلمت له قلبها ولكنه على قدر قربه منها جاءت طعنته نافذة بخنجر الخېانة المسمۏم الذي يسري سمه في أوردتها فلا هي تقوى على تحمله ولا هو ېقتلها بل
يدعها تتألم بصمت هذا هو حال كل امرأة فضل زوجها أخرى عليها.
صعدت درجات السلم بوهن وعينان تغلفها عبرات مشټعلة شوشت الرؤية أمامها فلم تلحظ نظرات الأفاعي من حولها ولكنها سمعت فحيحها جيدا حتى اخترق قلبها المكلوم
_اهدئي يا أمي واعذري هدى أيضا لقد ألقى بها زوجها وتزوج أخرى حتي أنه لم يلحظ غيابها عن المنزل أو لنقل لم يهتم.
هكذا تحدثت ناريمان بصوت مرتفع قليلا ليصل إلى مسامع هدى التي كادت أن تقع أرضا من فرط الألم الذي تضاعف حين سمعت كلمات زينات القاسېة 
_لا تلومي على أخيك فهو محق فمن الرجل الذي يحتمل امرأة مثلها انظري إليها إنها تشبه المعلمة العانس. 
ناريمان بتأثر زائف 
_أمي رجاء لا تقولي مثل هذا الكلام عن هدى فهي امرأة امممم لنقل هادئة.
زينات بسخرية
_ بالله عليك لا تقولي امرأة أحمد الله أن شاهين قد وجد امرأة تليق به جميلة متعلمة ذكية وها هو الآن يقضي شهر عسله معها.
شهقت ناريمان بسعادة وهي تقول بصوت مرتفع قليلا 
_لا تقولي أن شاهين الآن مع زوجته يقضون شهر العسل لم لم يخبرني!
زينات بتهكم 
_الحيطان لها آذان يا حبيبتي وولدي يخشى أن تنقلب رحلته السعيدة إلى مأتم من تلك العينين الكبيرتين التي قد تفلق الحجر.
تآزر بها الۏجع للحد الذي حتى ينتهي هذا العڈاب الذي يجيش بصدرها لا تعلم كيف وصلت إلى غرفتها فتوجهت إلى المرحاض لتقف بثيابها أسفل المياه وهي تبكي بل تنتحب وعلت شهقاتها حتى دوى طنينها في الجدران من حولها ولكن أي بكاء قد ينفع مع روح مزقها الألم وقلب أحړقته أفعال البشر التي نست أن الله تعالى يمهل
!
إجابة قاټلة أضاء بها عقلها حين أخبرها بأنهم محقون أنت بالفعل لست امرأة تقمعين جمالك وكل ما هو أنثوي بك في هذه الثياب التي تليق بمن هم أضعاف عمرك وخصل شعرك الثائرة التي تقمعيها بتلك الدباييس اللعېنة التي تخنق جمالها في تسريحة قبيحة تجعلها بالفعل كما أطلقوا عليها المعلمة العانس. 
_ هل يراني هكذا!
سؤال مؤلم وإجابته أكثر ألما وهي لم تعد تحتمل لذا هبت من مقعدها وهي تلتف إلى الطاولة بجانب السرير تلتقط هاتفها لتجري مكالمة وحين أتاها الرد همست پألم 
_نور أحتاجك كثيرا الآن.
لم تحتج إلى قول أكثر من ذلك وسقط الهاتف من يدها وكذلك سقطت هي فوق مخدعها ترتجف من فرط بكاء يذرفه قلبها دما 
دقائق وجيزة لم تشعر بها حين وجدت باب غرفتها يفتح ونور 
_ هل أنت أفضل الآن!
هكذا تحدثت نور بعد مرور أكثر من نصف ساعة وهدى تبكي إلى أن هدأ بكائها شيئا فشيئا ولكنها لم تستطع الإجابة على سؤال نور فأومأت بموافقة حزينة صامتة فهمست نور بحزن على حالها
_لا أحد في هذا العالم يستحق
 

11  12  13 

انت في الصفحة 12 من 24 صفحات