قصه وعبره
رواية قصة وعبرة الفصل الثالث 3
على مدى أشهر أخرى كلما طلبت منه زوجته الذهاب إلى الطبيب كان يقول نفس الجملة :
-يا عزيزتي ، عندما يأذن الله بالحمل سيحصل ، فلمَ التحاليل وزيارة الأطباء ؟!
إلى أن طفح بها الكيل وأدركت أنَّ بروده في التعامل مع أمر مهم كالإنجاب ، به خطبٌ ما فقالت في قرارة نفسها :ء
-حتماً أنه ذهب مؤخراً واكتشف أنه عقيم .
-أقسم لكَ ، إن لم تذهب معي للطبيب فسأترك المنزل بلا رجعة واذهب وحدك لحضور الحفلات والسهرات .
ارتعش قلبه من الخۏف فقال متلعثماً :
-لقد كنت سأذهب وحدي للطبيب وأجعلها مفاجأة لكِ.
-لن تذهب إلا وقدمي قبل قدمك .
أيقن أنَّ نهاية زواجهما باتت محتومة ، فقال في قرارة نفسه :
-يجب أن آخذها لطبيب يقول لها ، بأني عقيم منذ مدة قصيرة، وأني مع الأدوية سأتحسن ، لكن كيف ؟!
في صباح اليوم التالي ، سابق الرياح لعيادة طبيب في أطراف المدينة وشرح له وضعه مع زوجته ورجاه أن يقول لزوجته بأنه سيتحسن مع الأدوية ، رفض الطبيب في البداية لكن عندما أعطاه مبلغاً مالياً كبيراً وقال له :
وافق على الفور .
عاد في الظهيرة فقال لزوجته :
-كنت أبحث عن أشطر الأطباء في المدينة ، فرأيت طبيباً مشهوراً جداً وعيادته في أطراف المدينة .
نظرت له بدهاء ، وقالت له:
-ومن قال لك بأننا سنذهب لطبيب واحد ؟! أريد الذهاب لطبيبين أو أكثر .
طلبت منه الذهاب بسيارتها ، فارتعش خوفاً من أن تأخذه لنفس الطبيب الذي أكّد بأنه عقيم ، وبعد وقت قصير أوقفت السيارة أمام عيادة الطبيب الذي أكّد بأنه عقيم ، فكاد أن يتوقف قلبه من الخۏف، وبدأ يدعو الله بأن لا يتذكره .
-ألم تأتي لي منذ ثماني سنوات ، وقمت بكافة التحاليل الطبية التي أكدت بأنك عقيم واستحالة أن يأتي يوم وتصبح أب ؟!
كادت أن تتمزق جفونها من هول الصدمة فنظرت لزوجها وقالت له :
-جاوب الطبيب .
فتلعثم قائلاً :
-لا ، لست أنا ، فحتماً أنك مخطئ ، وربما تشابه في الوجوه .
-هلا تفضلتي بقراءة اسم وكنية زوجكِ وتاريخ ميلاده ، وأنه متزوج من ابنة عمه ، والتاريخ الذي أتى به لعيادتي .
قرأت الزوجة كل المعلومات التي تؤكد بأنه زوجها ، فتمالكت نفسها بشق الأنفس وقالت للطبيب :
فابتسم الطبيب قائلاً:
-أتفهم رغبتكِ بأن تصبحين أماً ، لذلك وعلى الرغم من استحالة ذلك ، فأنا سأعيد له عمل جميع الفحوصات اللازمةاللازم
قادت زوجته السيارة للمنزل بسرعة چنونية وهي مقطَّبة الجبين ، وما إن دخلا حتى صړخت بأعلى صوتها قائلة :
-منذ أول يوم تحدثت به معك أخبرتك عن شغفي بأن أصبح أماً ، وأني وبرغم ما وصلت إليه في دراستي لكني لم أطمح بشيء سوى بالأمومة ، وبعدما وافقت على الزواج بك قلت لي وبكامل حقارتك ، يا لهنائي لكونكِ ستصبحين أماً لأولادي.
تلثعم قائلاً:
-كنت أرجو أن تحصل معجزة تجعلني أصبح أباً.
فصړخت بعينين مغرورقتين بالدموع :
-عن أيُّ معجزة تتحدث يا أيها المهندس ؟! لقد قدَّر الله لك من سابع سماه أن تكون عقيماً ، وبرغم ذلك لم تصارحني بحقيقة وضعك .
-خشيتُ أن أخسركِ بعدما عرفت لهفتكِ بأن تصبحين أماً.
-الآن قد تحقق ما خشيتَه ، فأنا سأذهب لمنزل والدي ، وأنتَ سترسل ورقة طلاقي بأسرع وقت ، وأقسم لكَ بأنك ستندم على استهزاءك بمشاعري .
بقلم الكاتبة رفيف أحمد ياقدي
…...يتبع